GuidePedia

0

الخميس 13 سبتمبر-أيلول 2007


فؤاد الزبيري



من النبوغ إلى الجنون  -


 هذه الدموع التي يحاول جاهداً أن يدلف أكبر كمية منها على وجنتيه لن تنفع في شيء وحتى هذا الحزن الذي يركض خلفه كالأعمى،و يركض هو نحوه بكل ماأوتي من بأس لن يجدي نفعاً أيضاً.. كم مضى من الزمن وهو في ذهوله هذا لايلوي على قول شيء يفتح أمامه ولوكوة صغيرة تسرب إليه من خلالها بعض الآمال الصغيرة ليجعل منها منطلقاً نحو فضاءات من الطموحات المشروعة التي كان يمني نفسه بتحقيقها على أرض الواقع.. غير أن طموحاته شيء والواقع شيء آخر فقد عاش يخطط للالتحاق.. بكلية الطب بعد اكماله الثانوية كمساهمة منه لتخفيف آلام الناس بعد التخرج عندما حصل على معدل 97% أعلى نسبة نجاح حصدها على مستوى الوطن وجد بكل أسف أنه بحاجة ماسة إلى مايُعادل نصف هذا الرقم من آلاف الريالات لكي تصبح درجاته معتمدة لدى الكلية التي ينوي الالتحاق بها كواقع مفروض عليه.. وحينما صُعب عليه ايجاد هذا المبلغ صرف نظره عن احدى الآمال التي ظلت تراوده سنين طويلة.. واتجه ليلتحق بأحد المعاهد التقنية.. وبدلاً من اختياره للتخصص الذي يرغب.. ارغموه مرة أخرى بالتخلي عن هذه الرغبة والتي كان يراهن على تحقيقها بكل سهولة ووجدهم يجبروه بكل صفاقة الالتحاق بقسم آخر كشرط أساسي لقبوله لديهم وبالتخصص الذي يريدون وإلا فالرفض سيكون مصيره تردد كثيراً لكنه في النهاية رضخ لرغبتهم الحقيرة وهو يُمني نفسه الحصول على مؤهلٍ يضمن له.. وظيفة محترمة يقتات منها كنهاية حتمية لرحلة التحصيل العلمي يستطيع من خلالها تكوين أسرة». يستظل بظلالها مع شريكة العمر.. مرت عليه سنوات الدراسة متعبة رتيبة.. وأخيراً حقق مركزاً متقدماً كما هي عادته في النبوغ فكان الأول على دفعته وارتسمت من جديد أمام ناظريه أحلام وردية عادت تداعب خياله مرة أخرى.. فاختطف«ملفه» الذي يضم كل الأوراق المطلوبة للتوظيف وعلى عجل راح يسرع الخطى خوفاً من أن يفوته قطار المستقبل وهواجس كثيرة كانت تدور برأسه وهو يتجاوز زملاءه رفقاء الدراسة الأقدمين الذين رمت بهم الظروف إلى الشارع فصاروا باعة متجولين بعد أن أغلق في وجوههم باب التوظيف.. كانت دائرة التوظيف آخر باب يطرقه في رحلة البحث المضني عن وظيفة وكم كانت المفاجأة مؤلمة ومفزعة حينما أخبره مسئول التوظيف في ذلك المرفق الأنيق.. أن الوظيفة الوحيدة الشاغرة هي وظيفة«طبيب مساعد» وليس فني ميكانيك» لم تمنحه هذه المصادفة الصاعقة فرصة للندم لأنه كان






*************

إرسال تعليق

الشاعر فؤاد دحيان. .تسعدني ارائكم

 
Top